delong254_ Samuel CorumGetty Images_january6riot Samuel Corum/Getty Images

الصفقة المدنية الـمُـعَـطَّـلة في أميركا

بيركلي ــ اسمحوا لي أن أُثني بشدة على كتاب "الصفقة المدنية: كيف تتمكن الديمقراطية من البقاء"، وهو كتاب جديد من تأليف الباحث المستقل بروك مانفيل وجوشيا أوبر من معهد هوفر في جامعة ستانفورد. في حين يميز هذا الكتاب أسلوبه الجيد ونظرته الثاقبة، فإن استعراضه التاريخي العام يُـعَـد كنزا دفينا لكل من يريد فهم الأحداث التي مهدت السبيل إلى تجربتنا في حُـكم الذات، والتحديات التي واجهتنا على طول الطريق (الطبيعة البشرية على ما هي عليه)، والأنماط التي من المرجح أن تتكرر في المستقبل.

ولكن هنا يأتي السؤال حول ما ينبغي لنا أن نفعل الآن. الواقع أن هذا الجزء من الكتاب دفعني إلى حالة من الاكتئاب والخواء، وجعلني عاجزا عن النطق بأي كلمات بَــنّـاءة، لأنني أتفق مع الخلاصة التي توصل إليها المؤلفان بأن الديمقراطيات لا تتمكن من البقاء إلا إذا كانت مدعومة بصداقة مدنية بين أفرادها.

إذا عدنا إلى الجمهورية الرومانية قبل عام 150 قبل الميلاد، سنجد أن بلوتارخس (فيلسوف ومؤرخ يوناني) لاحظ أن نقاط الخلاف، "برغم أنها ليست تافهة ولم تنشأ حول أمور تافهة، فإنها أُخـضِـعَـت للتسوية من خلال تنازلات متبادلة، حيث يذعن النبلاء بدافع الخوف من الجماهير، ويذعن الناس احتراما لمجلس الشيوخ". ليت هذا الوصف ينطبق على الولايات المتحدة اليوم. ولكن بدلا من ذلك، أصبح أحد حزبينا السياسيين الرئيسيين، أو على وجه التحديد الحزب الجمهوري، مستغرقا في جموده المؤسسي إلى الحد الذي أصبح معه الاعتراف بالحزب الآخر كصديق مدني معادلا للإفلاس الإيديولوجي. إن النظر إلى الديمقراطيين على أنهم أي شيء غير أعداء غرباء مهلكين يعني كشف أوراق الحزب الجمهوري ــ ومن منظور عدد كبير من العاملين في الحزب، يعني التخلي عن مصدر رزقهم. أي أن هذا من غير الممكن أن يحدث، ببساطة.

https://prosyn.org/uqxsC4kar