dynarski1_Nathan StirkGetty Images_covidschoolclosed Nathan Stirk/Getty Images

الضرر الدائم لإغلاق المدارس في زمن كوفيد-19

كمبريدج/ شيكاغو- كان من الصعب تحديد طريقة للموازنة بين مخاطر كوفيد-19 في المدارس في جميع أنحاء العالم. وبينما يناقش قادة المدارس الأمريكية، حاليًا، ما إذا كان ضروريا أن يُطلب من الطلاب ارتداء الكمامات، أعيد مؤخرًا فتح المدارس في أوغندا للمرة الأولى منذ بدء الوباء. ولكن على الرغم من أن الطلاب في البلدان الفقيرة عانوا من اضطراب أكثر حدة، تَمثل في إغلاق المدارس مرتين أكثرمقارنة مع الوتيرة في البلدان الغنية، وفي قلة فرص التعلم عن بعد، فإن مجموعة أطفال المدارس العالمية الحالية ستتأثر سلبًا لعقود قادمة. وبدون اتخاذ إجراءات عاجلة، ستبلغ التكلفة الاقتصادية لإغلاق المدارس تريليونات الدولارات.

وتكتسي عملية إعادة الطلاب إلى الفصل الدراسي أهمية بالغة، لكننا ما زلنا بحاجة إلى إجراءات فورية وموجهة لتقليل الخسائرالمتعلقة بالتعلم. وفضلا عن ذلك، يحتاج صانعو السياسات إلى التفكير في المفاضلات التي قاموا بها (مثل إبقاء الحانات والمطاعم مفتوحة مقابل إغلاق المدراس في وجه الطلاب)، ومراعاة تكلفة هذه القرارات، ووضع ممارسات وسياسات لإدارة موجات كوفيد-19 المستقبلية أو الجائحة المقبلة.

وخلال العام الماضي، عملنا مع مجموعة عالمية من الباحثين لجمع الأدلة بشأن تأثير الوباء على تعليم الأطفال، وتحديد أفضل الطرق لإصلاح الضرر الناتج. وعلى غير العادة، ضمت مجموعتنا باحثين يعملون في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط والعالي، وتضمنت خبراء اقتصاديين، وعلماء نفس، ومتخصصين في مجال التعليم. وعلى الرغم من تنوع خبراتنا، كانت الدروس التي استخلصناها من بحوثنا تتشابه بصورة صارخة.

وخلُصنا إلى أنه في جميع أنحاء العالم، عاد الأطفال إلى المدرسة بعد الإغلاق الناجم عن الوباء بمستويات تعلُّم أقل من تلك التي تناسب فئاتهم العمرية. وتُظهر الدراسات أن جزءاً كبيرا من الموسم الدراسي ضاع هباءً، فقد ضاع ثلث العام في أوهايو، وعام كامل في كارناتاكا، في الهند. وهذا أمر مقلق، لأن الأدلة تشير إلى أنه بمجرد تخلف الطلاب عن المناهج الدراسية، يجدون صعوبة في اللحاق بالركب دون تلقيهم لدعم إضافي. وفضلا عن ذلك، يمكن أن تؤدي الاضطرابات في عملية التعلم إلى انسحاب الطلاب من مؤسساتهام بصفة نهائية. ففي سيراليون، في أعقاب الإيبولا، لم تعاود 17٪ من الفتيات الالتحاق بالمدارس مطلقًا عند إعادة فتحها، مما يُحول صدمة قصيرة المدى إلى أخرى دائمة.

وثبُت أن إغلاق المدارس في الماضي لفترة أقصر بكثير يقلل من درجة تعلم الأطفال. إذ في الولايات المتحدة، غالبا ما يتراجع مستوى الطلاب الفقراء في صيف كل سنة عندما تغلق المدارس لبضعة أشهر. وفي شمال باكستان، بعد أربع سنوات من وقوع زلزال عام 2005 الذي أدى إلى إغلاق مؤقت للمدارس، تأخر الطلاب عن أقرانهم بما يتطلبه عام ونصف من الدراسة.

وبناء على دليل العلاقة بين التعليم والأرباح، يقدر الباحثون أن إغلاق المدارس جراء كوفيد-19 المستمر حتى الآن، قد يؤدي إلى خسارة 17 تريليون دولار في الأرباح مدى الحياة. ومن شأن المزيد من عمليات الإغلاق في عام 2022 أن يرفع هذا الرقم.

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions
PS_Sales_Spring_1333x1000_V1

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions

Subscribe now to gain greater access to Project Syndicate – including every commentary and our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – starting at just $49.99.

Subscribe Now

ماذا عسانا أن نفعل؟

يجب أن نعطي الأولوية القصوى لإبقاء المدارس مفتوحة. فتكلفة إغلاق المدارس مرتفعة بصورة غير مقبولة، ومن المرجح أن تدوم لفترة أطول بكثير مقارنة مع تكلفة الإغلاق في قطاعات اقتصادية  أخرى.

وتشير الأدلة إلى أن تدابير التخفيف من كوفيد-19، بما في ذلك ارتداء كمامات عالية الجودة، وتطعيم المعلمين والطلاب المؤهلين، وتوفير أكبر قدر ممكن من التهوية، يمكن أن تقلل من خطر انتقال العدوى في المدارس. ومع وجود مثل هذه التدابير، تصبح فرصة الإصابة بـكوفيد-19 في المدرسة أقل بكثير مما هي عليه في معظم الأماكن الأخرى، خاصة في المطاعم والحانات، حيث لا يمكن ارتداء الكمامات.

ولكن إعادة فتح المدارس لا يعني العمل على النحو الاعتيادي. إذ أدى الاضطراب بسبب كوفيد-19 إلى تفاقم عدم المساواة التي يعاني منها التعليم حاليا، مما يزيد من صعوبة عملية التدريس والتعلم. لهذا السبب يجب أن تقوم المدارس أولاً بتقييم مدى الضرر الذي ألحقه الاضطراب بتعلم الطلاب. وتحتاج المناطق التعليمية بعد ذلك إلى السماح للمعلمين بتعديل التعليمات لتعكس مدى تقدم الأطفال في مرحلة تعلمهم، وليس المستوى الذي قد يأمل المرء أن يصلوا إليه. وكان هذا أحد الدروس الرئيسية المستخلصة من الأبحاث التعليمية الحديثة. فقد أدى تطبيق هذا النهج على طلاب المدارس الثانوية في شيكاغو إلى تحسن بنسبة 20٪ في درجات اختبارهم، وفي ولاية أوتار براديش بالهند، تضاعف عدد الأطفال الذين يمكنهم قراءة فقرة أو قصة.

وللقيام بذلك، سيحتاج المعلمون إلى الدعم. فهم يواجهون الآن فصولًا من نتائج التعلم ذات نطاق أوسع من أي وقت مضى، ويجب أن يتغلب العديد منهم على تحديات جديدة مثل التوفيق في الوقت نفسه بين التدريس عن بُعد والتعليم الشخصي. وتظهر الأبحاث أن توفير خطط الدروس الموجهة يمكن أن يكون وسيلة فعالة من حيث التكلفة لتحسين نتائج التعلم. وقد أظهرت العشرات من الدراسات في البلدان ذات الدخل المرتفع والمنخفض أن الدروس الخصوصية الفردية أو الجماعية للطلاب المتعثرين تعزز النتائج.

أخيرًا، يجب أن نستفيد من بعض مكاسب التعليم المبتكرة التي حدثت أثناء الوباء. إذ في جميع أنحاء الولايات المتحدة، اضطر، فجأة، العديد من الآباء ممن لم يتفاعلوا كثيرًا مع المدرسة إلى مساعدة أطفالهم في دروس على شبكة الإنترنت. ورغم أن هذا المستوى من المشاركة غير مستدام على المدى الطويل، إلا أن التجارب أظهرت في فرنسا وتشيلي أن الأطفال يستفيدون عندما يكون آباؤهم أكثر ارتباطًا بمدارسهم. وفي بوتسوانا، انخفض معدل الابجدية الحسابية بنسبة 31٪ في المناطق التعليمية التي ظلت على اتصال بالآباء والأطفال، من خلال الرسائل النصية والمكالمات الهاتفية عند إغلاق المدارس.

ورغم أن الوباء قد أضر إلى حد كبير بتعلم الطلاب، إلا أن الإجراءات العاجلة والواسعة النطاق والفعالة التي اتخذتها الحكومات وقادة التعليم، يمكن أن توقف هذا التيار الجارف. وبدون تدخل من هذا القبيل، سيؤدي المستوى الحالي من توقف التعلم الناجم عن الاضطرابات المدرسية إلى فقدان إنتاجية تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات. ولا بد أن يؤدي إلى ظهور أزمات جديدة. إن إنشاء أنظمة، الآن، لإبقاء المدارس مفتوحة في مثل هذه الظروف سيساعد في حماية أطفالنا ومستقبلنا.

ترجمة: نعيمة أبروش    Translated by Naaima Abarouch

https://prosyn.org/vnqv8ULar